هاهي ذاهبة إلى مدرستها الثانوية الآن ... وقد بدى عليها الحزن الشديد .. إنها نوران .. فتاة في السابعة عشر من عمرها .. والدتها ترقد في المشفى منذ أسبوع .. والدها رحل عن الدنيا منذ أن كانت صغيرة .. لديها أخوان .. (سالم و سلوم). سالم شخص طيب وحنون يعمل في إحدى الشركات .. أما سلوم فهو طالب جامعي كسول وسئ الطباع عديم الإحساس ..
نوران مستاءة كثيرا .. فكل يوم تذهب إلى المدرسة وتترك والدتها وحدها في المشفى .. ولكن في هذا اليوم شيئ جديد .. لم تعتده نوران أبدا ..
حينما دخلت نوران إلى المدرسة .. استقبلها خالها وخالتها (هديل و يزيد) ..
هديل : السلام عليكم يا نوران ..
نوران : وعليكم السلام .. كيف حالكما ؟
يزيد : نحن بخير .. وأنت يا نوران ؟
نوران(حزينة): لست بخير ..
ثم تذهب راكضة وكأنها تحاول إخفاء دموعها ..
يزيد : هل حدث شيئ ؟؟
هديل : أنسيت أيها الغبي أن والدتها في المشفى منذ أسبوع .. ومنذ ذلك الوقت وهي تتصرف بغرابة .. ترى أهي حزينة ؟؟
يزيد : يعني ماذا برأيك ؟؟؟
وفي الصف .
أستاذ مادة الفقه قد وصل ... ومعه أوراق الامتحان ..
يزيد : يا سلااام أنا متحمس للاختبار ..
أستاذ مادة الفقه : هيا يا طلابي .. هل ذاكرتم ؟؟
أحد الطلاب : كلا .. لأنني أظن أنه سهل جدا ..
الأستاذ : حسنا .. هيا أدخلوا كل شيئ على الطاولة وسموا بالله .. سيبدأ توزيع الأوراق بعد دقائق ..
وأثناء الاختبار .. لفت نظر نوران سؤال من بين الأسئلة .. وهو (ماذا تقول عندما يموت لك أحد تحبه كثيرا ؟؟؟؟ )
نوران توقفت أمام هذا السؤال .. كأنها تشعر بشيئ تجاهه ..
وبعد الامتحان .. جميع الطلاب كانوا منشرحي الصدر فيما عدا نوران .. فذلك السؤال يشغل تفكيرها كثيرا .. ولكن سرعان ما انقطع تفكيرها بسبب نداء الأستاذ عليها ..
نظرت إليه نوران ..
نوران : نعم يا أستاذ ؟
الأستاذ : كيف كان الاختبار ؟؟
نوران : كان رائعا جدا .. أرجو أن آخذ فيه علامة كاملة ..
الأستاذ : حسنا .. سوف أقول لكم شيئا .. إذا أخذ الجميع العلامة الكاملة .. سوف آخذكم في رحلة جماعية إلى الشاطئ ..
فرح الجميع بهذا الخبر ..
الأستاذ : أرجو أن لا يكون هناك أحمق من بينكم وأخطأ .. حينها سألغي الرحلة كلها ..
وفي وقت الاستراحة (الفسحة) ...
يزيد : نوران .. هل تريدين مني أن أشتري لك من المقهى ؟؟
نوران : شكرا لك ... لا أريد .
هديل : بل هي تريد .. لكنها محرجة من أن تطلب ذلك .
يزيد : لا أظن .. لأنها كانت دائما ما تطلب مني أن أجلب لها الطعام وبأموالي أيضا .. لكنها الآن تغيرت ..
قامت نوران بعد أن كانت جالسة .. وذهبت ..
يزيد وهديل في دهشة كبيرة ..
وفي الحصة الرابعة .. جميع طلاب صف نوران كانوا في مختبر الكيمياء ..
معلمة الكيمياء دخلت وهي غاضبة..
المعلمة : السلام عليكم ..
الجميع : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
المعلمة : هيا .. افتحوا سجلاتكم بسرعة .. سوف نجري تجربة اليوم .. وعليها سيكون اختباركم غدا .. هل هذا وااااااااااااااضح ؟؟؟
الجميع : وااااضح ..
الكل مستعد بأدواته الخاصة بالمختبر ..
وبينما هم يجرون التجربة .. دخل أحد مشرفي المدرسة .
المشرف : أرجو المعذرة على المقاطة .. ولكن أريد الطالبة نوران فورا ..
اندهشت نوران حينها .. وتجمدت في مكانها ..
المعلمة : نوران .. اذهبي إليه ..
نوران : حــ ... حسنا ..
ثم تركت ما كان في يدها .. وسارت متجهه نحو المشرف .. بينما الطلاب من كان يودها ويقول خذيني معك .. ومنهم من كان يقول سلمي لي على والدتي .. وهكذا حتى تقدمت نوران أمام المشرف وقلبها ينبض بشدة ...
حينها ذهب المعلم وخلفه نوران ..
وفي غرفة المدير .. دخلت نوران إذ تجد سالم أخوها ..
نوران : سالم ؟؟؟ ماذا تفعل هنا ؟؟
سالم : جئت لأصطحبك معي من المدرسة ..
نوران : لماذا ؟؟ أهناك أمر ما ؟؟
سالم : أبدا .. لكنني أريد أخبرك شيئا ..
نوران وقعت في الدهشة ..
وفي خارج المدرسة ..
نوران : سالم .. لماذا أخذتني ؟؟
سالم : لنذهب معا إلى مكان ما ..
نوران : وما هو ؟؟؟
لم يجب سالم .. ظل يسير معها دون أن ينطق بأي حرف ..
وفي ذلك المكان ..
سالم : والآن .. ادخلي ..
نوران : مبنى .. كبير !!!
سالم : هيا تقدمي ..
تقدمت نوران .. بينما سالم أمسك كاتفيها وسارا معا ..
وفي الداخل .. قرأت نوران لوحة كبيرة . مكتوب فيها (مغسلة الموتى)..
إنفزعت نوران .. ونظرت إلى سالم بفزع ..
بينما سالم ظل يسير دون نطق أي كلمة ..
نوران : سالم ...
سالم : ماذا تريدين ؟؟
نوران : لماذا نحن هنا ؟؟؟
سالم : أحدهم بالداخل ..
وفي احدى الغرف .. دخل الاثنان اليها ..
وجدت نوران جميع أقاربها ملتفون حول سرير ..
نوران : ماذا هناك ؟؟؟
ثم تقدمت .. إذا تجد أحد ما ممدد على السرير ومغطى بكفن أبيض ..
نوران : من بالداخل ؟؟
سالم : نوران .. البقاء لله .. فوالدتنا هي التي في داخل هذا النعش ..
تصلبت أعضاء نوران .. عينيها فقط على ذلك الكفن .. كيف .. كيف تكون والدتها في داخل هذا النعش .. لقد رأتها صباح اليوم قبل ذهابها إلى المدرسة .. كيف هذا ؟؟ كيف حدث ؟؟ وهل هي حقا قد ماتت ؟؟
نوران تقدمت بخطوات بطيئة .. نحو الكفن .. تنظر إليه وقد أبى عقلها أن يصدق بأن والدتها ماتت ..
خال نوران : قدر الله وما شاء فعل .. نوران .. احتسبي ذلك عند الله .
نوران وبصوت مبحوح : ماما .. هل تسمعيني ؟؟؟
ثم أمسكت بالنعش ..
نوران وبصوت عالي : ماما .. هل تسمعينني ؟؟؟؟؟؟
لا أحد مجيب .. ومن المستحيل أن يجيب أحد ..
ارتمت نوران على النعش باكية .. وهي تحاول أن توقظ والدتها .. ولكن هيهات هيهات .. لقد انتهى عالم هذه الأم ..
جاء المغسل والذي يدعى جعفر ..
جعفر : أظن أن وقت الزيارة قد انتهى ..
سالم : ولكن اترك لنا وقتا .. فابنتها أتت للتو ..
جعفر : ولكن هل يعجبك بكائها هكذا ؟؟ ثم ان الميتة كانت مصابة بمرض خطير .. نخاف أن تنقل العدوى لابنتها ..
نظر سالم الى نوران ..
سالم : نوران .. هذا يكفي .. أظن أن كلام المغسل صحيح ..
نوران باكية : لكني أريد رؤية أمي .. أريدها أن تجيب على سؤالي ..
سالم : ربما هي تسمعك .. لكنها لن تستطيع الاجابة عليك أبدا ..
نوران : لماذا ؟؟ لماذا ؟؟ لمــــــــــــــــــــــــــاذااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
ثم أمسكت بالنعش وبقوة .. وتكاد تموت من البكاء ..
جميع من كان موجودا تأثر ببكائها .. ولكن ما باليد حيلة ..
أمسكها سالم وهو يحاول كتم بكاءه ..
سالم : هيا .. يا أختي .
وفيما بعد .. بعد أن استطاع سالم أخيرا إخراج نوران وبالقوة من المغسلة .
عادا إلى المنزل .. وهناك كان بانتظارهم سلوم ..
سلوم : أخيرا عدتم . لقد كدت أموت جوعا .. هيا ... أين الطعام ..
سالم : احترم نفسك .. والدتنا ميتة وأنت لا تزال تفكر ببطنك ؟؟
سلوم : وماذا أفعل إن كانت ميتة .. هل أمنع نفسي عن الطعام مثلا ؟؟
وأما نوران فكانت تنظر إلى سلوم وبكل غضب ..
سلوم : أنا جائع وأريد طعااااااااااام ..
سالم غاضب : وماذا أفعل لك ؟؟ هيا اغرب عن وجهي .
سلوم : حقا .. يالك من شاب غير مهذب .
وفجأة .. يأخذ سلوم صفعة على وجهه ..
فنظر اذ هي نوران ..
سلوم : مــ .. مــ.. ماذا فعلت ؟؟
نوران غاضبة : ألا يكفي أن أمي ماتت بسببك ..
سلوم غضب : وما دخلي أنا .. هل تقصدين بأني قتلتها ؟؟؟
نوران : بل فعلت أسوأ من ذلك . تركتها تصارع الألم حتى ماتت .. لم تذهب إليها قط أثناء مرضها .. سالم عذره أنه يعمل .. أما أنت . فليس لك أي عذر لتبتعد عن أمي ولا تتابعها في المشفى .. وكأنه ليس لك أم قد سهرت من أجل أن تريحك ..
سلوم غاضب : نوران أيتها الصغيرة ... لا تقولي كلام أحمق مثلك .. ثم لماذا تمدي يدك عليَ هكذا .. هل سمحت لك بفعل ذلك ؟؟
نوران : أنا أحاول إيقاظك من غفوتك التي طالت كثيرا ..
تقدم سلوم نحو نوران غاضبا .. بينما سالم وقف أمامه ..
سالم : ماذا تريد أن تفعل ؟؟
سلوم : ابتعد .. يجب أن تتعلم هذه الفتاة كيف تحترم من هو أكبر منها ..
سالم : لا .. لأنك أنت المخطئ .. فهي الآن أعصابها متعبة .. ولا تطيق رؤية أحد مثلك .
سلوم : وما ذنبي أنا ؟؟
سالم : أنت تقول كلام غبي جعلها تفقد أعصابها .
وأما نوران .. فقد تركتهم يتكلمون وذهبت إلى غرفتها ..
وفي الغرفة ..
نوران جالسة على سريرها ودبدوبها في حضنها ..
نوران باكية : لقد انتهى كل شيء .. ماما رحلت وتركتني .. اه اه اه
ثم ضمت الدبدوب بقوة .. ودموعها تتساقط عليه .
وفي هذه اللحظة .. أطرق أحد الباب .. ثم فتحه ..
نوران تنظر إذ هو سلوم ..
سلوم (نظرات شريرة) : لم أنسى ما فعلته بي قبل قليل ...
نوران شعرت بالخوف ..
سلوم : سالم ليس هنا .. لقد ذهب للمغسلة كي يوقع على خروج ماما من المشفى .
نوران : وأنت .. لماذا لم تذهب معه ؟؟
سلوم : لكي أرد لك تلك الصفعة .. هل تظنين بأنني نسيت ؟؟
نوران : لا تستهبل يا سلوم .. هيا انقلع من هنا ..
سلوم : وماذا عن حقي ؟؟ هل سيذهب مع الريح ؟؟؟ -__-
نوران حزينة : اتركني الآن يا سلوم .. فأنا لست على طبيعتي ..
ثم تقوم .. وتذهب من الغرفة ..
سلوم : يا سلاام .. وماذا عني ؟؟؟ هل نسيتي بأني أريد حقي ؟؟
وفي العصر .. صلى الجميع على المغفور لها والدة نوران .. وأما هديل ويزيد فلم يصدقا بأن والدة نوران ماتت .. وحضروا العزاء في بيت العائلة .. ولكن الغريب أن نوران ليست هناك .. وعندما ذهبوا إلى منزلها ..
أطرقوا الباب ..
ففتحت نوران وهي حمراء الوجه من الغضب ..
نوران : نعم .. نعم .. نعم ..
يزيد : مرحبا يا نوران ..
هديل : ما بك يا نوران ..
نوران غاضبة : سلوم الاحمق يريد أن يحضر أصحابه إلى هنا ليحتفلوا معا بخروج أحدهم من المشفى وأمه ميتة .. ياله من عديم الإحساس .. وأنا لن أخرج من هنا ولن اسمح بدخول الاصدقاء الى هنا .. هل فهمتم ...
ثم تغلق الباب مرة أخرى ..
هديل : !!!!!!!!
يزيد : أظن أنه يجب أن نذهب من هنا ..
هديل : لماذا ؟؟
يزيد : ألا تعرفين .. إنها تطردنا ..
هديل : لا بأس .. إنها غاضبة وحسب ..
يزيد : حتو ولو .. هل تطردنا ؟؟؟
فتحت نوران الباب وهي تنظر إلى يزيد بغضب ..
نوران : يزيد .. هل تستهبل ؟؟؟
لم يجب يزيد ..
نوران : ولأجلك فقط سوف أسمح لهديل بالدخول أما أنت فلن تدخل منزلي أبدا ..
ثم تمسك يد هديل وتسحبها إلى الداخل وتترك يزيد لوحده ..
وفي الداخل ..
هديل : نوران .. كيف تفعلين هذا في خالك ؟؟؟
نوران : أحسن .. انه غبي .. ولا يشعر بي أبدا ..
ثم تخفض رأسها ..
هديل : نوران ..
نوران : ماذا ؟؟
هديل : هل أنت بخير ؟؟
نوران : في الحقيقة .. أشعر بشيء ما .. أحس بأنني لست في الحياة .. أحس بأن العالم انقلب على عاتقي .. لا أعرف لماذا ؟؟
هديل : لماذا تشعرين بذلك ... العالم لم ينقلب على عاتقك .. أنت لازلت في الدنيا ..
نوران : بعد أن تركتني والدتي .... أحسست بأنه لا فائدة لي في الحياة ..
هديل : لا . لا تقولي هذا .. انه قدر الله .. ثم انه ليس آنت الوحيدة التي تفقد والديها في هذا العمر .. هناك أطفال ماتت والدتهن وهم في عمر صغير .. ومع ذلك . فهم يبتسمون للحياة .. لماذا لا تفعلين مثلهم ؟؟ أنا واثقة أن أختي التي هي أمك ستكون سعيدة ان رأتك سعيدة ..
نوران : لكني يا هديل .. لا أريد أن أصدق بأن والدتي ماتت .. لا أريد أن أصدق ..
هديل : نوران .. أنا أعرف لماذا لا تريدي أن تصدقي ..
نظرت نوران إلى هديل بدهشة ..
هديل : لأنك لم تذهبي الى العزاء اليوم .. وإلا لكنت سمعت عبارات تهدأ قليلا من نفسك ..هيا يا نوران .. يجب أن نذهب الآن إليهم ..
نوران : لا أرغب بذلك .. فأخي خرج عن حده ..
هديل : لا تهتمي يا نوران .. أنا أشعر أنه مجرد شخص تافه لا يستحق أن يعيش ..
نوران : ليته مات بدلا من والدتي ..
هديل : إنها أقدار يا نوران .. هيا بنا الآن ..
قامت نوران ..
نوران : حسنا .. لنذهب .
ذهبت الإثنتان ... بينما وقف سلوم الذي كان جالسا خلف الباب يسمع حوارهما ..
وفي الخارج ..
هديل : أين ذهب أخي يزيد ؟؟
نوران : لعله غضب مني .. لا يهم .. لنذهب بسيارة أجرة .
هديل : ولكن والدتي أوصتني بأن أبقى دائما بجوار أخي يزيد ..
نوران : وما الحل ؟؟
هديل : سأتصل عليه ..
أخرجت هديل هاتفها .. وحينما اتصلت .. لم يجب يزيد .. عادت لتتصل مرة .. لكنه لم يجب .
نوران : لعله غاضب مني .. لا يهم ..
وفي منزل العائلة ..
سالم : ما الذي جعلك تغيرين رأيك ؟؟
نوران : لا أستطيع المكوث مع ذلك الغبي طويلا ..
وعند سلوم ..
زجاجات الخمر أمامه .. هو ينظر إليها بحزن ..
سلوم : هل هذا ما أبعدني عن ماما ؟؟
ثم يمسك إحدى الزجاجات ويكسرها ..
وعند نوران ..
جدة نوران : حبيبتي نوران .. لا أعرف كيف أقول لك .. لكنك كنت أحب الناس الى والدتك .. سالم : رحمها الله ..
الجميع بدأ يحاول أن يهدأ نوران ببعض الكلمات وهي تبكي ..
استمر هذا العزاء حتى وقت متأخر ..
عاد الجميع إلى منزله ..
سالم نام من شدة التعب .. أما نوران فلم تستطع النوم .. ظلت تبكي طوال الليل ..
وفي صباح اليوم التالي ..
مر اليوم كما هو .. سلوم مختفي عن المنزل .. سالم سافر إلى مدينة أخرى لطلب الرزق .. ونوران مع هديل في غرفة .. بينما يزيد في غرفة أخرى وقد أتى تلبية لطلب سالم لكي لا تكون نوران وحدها في المنزل ..
جاء الليل .. الساعة السابعة ..
نوران : هديل .. هل ترين هذا .. المشفى التي كانت فيها أمي تسمى مشفى الموت .. لأن كل من يدخلها يموت .
هديل : إنها مزحة على الفيس بوك يا نوران ..
نوران : لكن .. ألا ترين أن أمي ماتت ؟
هديل : انه قدر الله .. هذا ليس بيد البشر .
نوران : حقا ..
هديل : بالمناسبة .. أمي تقول لك إن إحتجت شيء .. فهي بالخدمة ..
نوران : لا لا شكرا .. لدي أخ يرعاني .. ولكني أريد أن أذهب إلى المشفى .. فأخي سالم طلب مني أن أذهب إلى هناك لأدفع لهم تكاليف علاج أمي .
هديل : وأين سلوم ؟؟ أليس من الأفضل أن يذهب هو ؟؟
نوران : إنه شاب طائش .. دعيه مع نفسه ..
هديل : إذا .. سأدع أخي يزيد يفعل ذلك ..
نوران : كلا .. أنا سأذهب .. وأريد أن يرافقني أحد .. فهل تكرمتي بالذهاب معي . ^_^
هديل : حسنا يا نوران ..
ذهبت نوران مع خالتها إلى المشفى .. في سيارة يزيد الذي لم ينطق بحرف واحد طوال فترة ركوبهم السيارة ..
وفي المشفى ..
نوران أعطتهم الأموال كاملة ..
وفي طريق عودتها .. وجدت الطبيب الذي عالج والدتها ويدعى (هاني)
الطبيب لم يلاحظها .. لذلك أخرج هاتفه وتحدث مع أحدهم قائلا : ((أراك الليلة أمام المقابر)).
إنفزعت نوران وأخفت ذلك ..
وفي المنزل ..
هديل : هل تسمحين لنا بالمبيت معك هذه الليلة ..
نوران : بالطبع .
هديل : ترى متى سيعود سالم ؟؟
نوران : لا أدري .. لكنه قال بأنه سيعود قريبا ..
هديل : وأين سلوم ؟؟ لقد طال غيابه ..
نوران : لا أعرف أين هو ... لا يهم .. يجب أن ننام الآن .
هديل : حسنا .. طابت ليلتك ..
نوران : وأنت كذلك ... سأترك الآن .
وفي غرفة نوران ..
كانت جالسة على النافذة وكلمة الطبيب شغلت تفكيرها ..
نوران تحدث نفسها : من الواضح أن الطبيب سيذهب إلى هناك من أجل مقابلة أو شيء . لا يمكن أن يكون له شخص ميت هناك ويزوره ليلا .. سأذهب أنا إلى هناك و أعرف .
وأمام المقابر . الجو بارد جدا ..
نوران مختبئة وأمامها الطبيب وشخص آخر . إنه جعفر .. المغسل .
الطبيب هاني : هيا .. هل جلبت الحفارة ؟؟
جعفر : أجل ..
هاني : إذا .. لنبدأ .. ولكن هل أنت واثق أنه لا أحد هنا ؟
جعفو : أجل .. فحارس المقبرة قال لي ذلك ..
هاني : إذا .. لنخرج الميت الحي ..
إنفزعت نوران من هذا ؟؟
بدأ الرجلان بالحفر .. حتى استطاعا الوصول إلى النعش .. فأخذاه ..
هاني : هيا .. لنذهب ...
وضع الرجلان الجثة على الأرض .. ثم فتحا بابا داخل القبر .. وأخذا الجثة معهما .. ونزلا فيه ..
نوران لا تصدق ما رأت .. هل هذا حقيقة ؟؟؟
بعد أن اختفى الرجلان .. نزلت نوران خلفهما بكل هدوء ..
فوجدت في الأسفل درج يؤدي إلى مكان مجهول ..
سارت نوران فيه دون أن تعرف إلى أين يذهب بها ..
حتى وصلت إلى غرفة مغلفة مليئة بالجثث المقطعة .. إنفزعت نوران وأصيبت بالذعر ..
وكادت أن تسقط فاقدة لوعيها .. لكنها تحملت ..
أكملت الطريق .. وقلبها يدق خوفا .. حتى وصلت لباب آخر .. فتحت جزء منه ..
فوجدت مكااان كبيييييير جدا .. يشبه المشفى تماما .. لكن الأرضية مليئة بالدماء ..
ووجدت أيضا الطبيب هاني والمغسل جعفر ... قد فتحا النعش والشخص الموجود فيه قد أفاق من موته ..
الشخص : أين أنا .. ألم أكن في المشفى ؟؟
هاني : أجل كنت في المشفى .. لكنك الآن في مشفى أخرى ..
الشخص : وماذا أفعل فيها ؟؟ ولماذا هذا الرداء الأبيض علي َ ؟؟؟؟؟؟؟
جعفر : لقد غسلناك وكفناك فيه .. كي يصدق الجميع أنك مت ..
هاني : ولكن في الحقيقة . نحن أطباء نستفيد من أعضاء البشر .. لذلك نأخذهم بعد أن يصدق الجميع أنهم ماتوا ونسرق أعضائهم ..
الشخص : ولكن ... ولكن ؟؟؟
نوران تنظر إلى الطبيب بفزع .. هل يمكن أن تكون والدتها لا تزال على قيد الحياة وهم يريدون أخذ أعضائها ..
حينها ذهب الطبيب والمغسل ساحبين خلفهم ذلك المسكين الذي سيقع ضحية أخرى ..
وأما نوران فقد تقدمت للداخل .. لم يكن هناك أناس كثيرين وهذا ما جعل من السهل دخول نوران دون أن يراها أحد ..
سار الطبيب والمغسل مدة من الزمن ... حتى وصلا إلى باب كبير ..
فتح الطبيب الباب ..
دخل الطبيب والمغسل ومعهما ذلك المسكين ..
وفي الداخل .. كان هناك ما يقارب خمسة عشر شخص مقيدون وعلى أسرتهم .. ومن بينهم والدة نوران التي كانت تبكي ..
نوران لم تصدق نفسها .. والدتها بالداخل .. وعلى قيد الحياة أيضا ..
أرادت فتح الباب .. لكنها فوجئت بوجود شخص خلفها ..
نظرت نوران منفزعة .. إذ هو شخص وقد صوب المسدس على رأسها ..
الشخص : لا تتحركي ..
وبدون أي وعي ركلت نوران الرجل بكل قوة وهربت ..
سقط الرجل على الأرض بينما خرج الطبيب والمغسل من ذلك المكان .
الطبيب منفزع : ماذا هناك ؟
الرجل : تلك الغبية هربت .. فتاة شقراء .
الطبيب : شقراء ؟؟؟
ثم أخذ المسدس وذهب مسرعا نحو المكان الذي هربت بإتجاهه ...
وعند نوران ...
ظلت تركض حتى وصلت إلى مكان مليء بالجثث المقطعة الأعضاء ..
نوران : ما هذا المكان ؟؟ يبدو بأنني ضللت الطريق .. أين أنا ..
بعد لحظات سمعت نوران صوت الطبيب ومجموعة من الرجال ..
الطريق أمامها مغلق .. ماذا تفعل ؟؟؟
وجدت فجأة خلفها الطبيب ورفاقه الذين عثروا عليها ..
الطبيب : نورااااان ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نوران : لم أتوقع ما فعلته أيها المجرم ..
الطبيب بصوت حاد : نوران .. أتعرفين ما عقوبة من يكشف هذا السر ؟؟ عقوبته أن يقتل دون أي رحمة ..
ثم يصوب المسدس عليها ..
نوران : لن تنجو أبدا يا مخادع .
الطبيب : أخبريني .. كيف وصلت إلى هذا المكان ؟؟
نوران : مصادفة لا أكثر .. والآن .. جاء دوري لأطرح عليك سؤالي .. أخبرني . ما الذي تفعله هنا ؟؟ وماذا تعني بأخذك للموتى الذين في الحقيقة ليسوا إلا أحياء ولكنهم فاقدين للوعي وحسب ؟؟؟؟
الطبيب : أعني الكثير .. ولكن .. يبدو لي بأنك تعرفين الكثير يا هذه .. وهذا ما يجعلني أسارع بالتخلص منك فورا ...
ثم ضغط على الزناد .. فأصابت الرصاصة صدر نوران ..
فسقطت على الأرض من فوره ..
في أثناء ذلك سمع الطبيب ومن معه صوت إطلاق رصاص .. فذهبوا نحو الصوت تاركين نوران تسبح وسط دمائها ..
وهناك فوجئوا بوجود رجال الشرطة ..
الطبيب : لابد وأن تكون نوران هي خلف وجودهم هنا .. هيا اذهب يا جعفر وتخلص منها بأربع رصاصات في رأسها ..
وعند نوران .....
كانت نتظر إلى الدماء التي تنزف من صدرها .. وهي تحاول وضع يدها لكي توقفه...
نوران تتمنى أن يأتي أحد وينقذها ... ولكن لا يوجد أحد .. أخيها سالم سافر الى الخارج .. سلوم مختفي منذ يوم .. ولا أحد يعلم بمكان وجودها هنا .. ستموت هنا بالتأكيد ..
هذا ما كانت تفكر به نوران . ولكن ما قطع تفكيرها هو أن جعفر أتى مسرعا وأراد تصويب المسدس عيها .. لكن أحد ما أطلق على رأسه ثلاث رصاصات متتالية ..
فخر صريعا ..
اندهشت نوران وأصيبت بالخوف .. لعل من أطلق الرصاص سيستهدفها أيضا ...
تقدم ذلك الشخص بخطوات بطيئة حتى وقف أمام نوران .
نظرت نوران إليه بتعب .. إذ هو يزيد .
فابتسمت رغم تعبها .. ثم أغمي عليها ..
وأما يزيد ... فقد حملها وابتعد هاربا من ذلك المكان الذي بدأ يهدم فقد هجمت الشرطة عليه للقبض على أولئك المجرمين ..
وفيما بعد .. خرج جميع المساكين الذين كانوا محتجزون هناك ..
وفي صباح اليوم التالي ..
انتهى كل شيء ... حيث اعترف الطبيب أنه كان أحد أفراد عصابة سرقة أعضاء البشر .. وكان يعطيهم منوم قوي جدا يجعلهم شبه موتى .. وكان ساعده الأيمن المغسل الذي كان يدعي بأن الموتى كانوا مصابين بمرض خطير لذلك لم يكن يسمح لأحد بالاقتراب من الجثة كي لا يكتشفوا الحقيقة ..........
وأما أقارب نوران .. فقد أصيبوا بالذعر عندما جاءت لهم والدة نوران ..
وبالنسبة لنوران فقد نجحت عملية إخراج الرصاصة من صدرها .. وهي الآن بخير .. لكنها لا تزال في غيبوبة دامت أكثر من أسبوع كامل ..
وعندما أفاقت وجدت الجميع حولها ..
والدة نوران : حبيبتي نوران ..
ثم تضمها بقوة .
سالم : أحمد الله على سلامتك يا أختي .
نوران : ولكن ؟؟ ما الذي حصل ؟؟
هديل : لقد حصلت حكاية طويلة .. فذلك الطبيب تم القبض عليه .. وتم إنقاذ والدتك بفضل الله ثم بمجهود سلوم .. الذي أحضر الشرطة بعد أن علم بوجود مشفى تحت الأرض .
نظرت نوران الى سلوم .. إذ هو خافض الرأس ..
نوران : أحقا ما قالت ؟؟؟؟؟
لم يجب سلوم بينما والدة نوران إلتفتت إليها مبتسمة ..
والدة نوران : أجل .. إنه رائع .. فهو الذي استدعى يزيد فور علمه بأني على قيد الحياة . وكان بطل المسلسل آن ذاك ههههه الحمد لله الذي أعادني إليكم سالمة هههههههههههه ..
نوران : الحمد لله ..
والدة نوران : على كل حال .. سأنادي الطبيب فورا ليراك الآن يا نوران ..
وذهبت والسعادة تغمر فلبها ..
وأما نوران فقد نظرت إلى سلوم متعجبة ..
نوران : هل كنت تتظاهر بأنك غير مهتم لموت والدتي ؟؟
سلوم : كلا .. لكنني تبت منه ..
نوران : منه ؟؟ ماهذا ؟؟؟
يزيد : إنه شرب الخمر .. لقد كان يشرب الخمر منذ زمن وكانت تعلم والدتك بذلك . لكنه لم يكن يعجبه ذلك .. فربما تذهب وتبلغ الشرطة عنه فورا .. لذلك كان بارد الدم .. لأن شبح والدتك الذي كان يطاردة قد رحل . ولكن بصراحة .. فهو قد أقلع عن ذلك الفعل .. وعندما علم بأن والدتك لا تزال على قيد الحياة .. أدرك المسؤلية التي ألقيت فوق عاتقه ولذلك اختفى عن المنزل لمدة يوم .. لأنه كان مع الشرطة يخططون للإيقاع بالعصابة ..
نوران : وكيف عرف ذلك المكان ؟؟
يزيد : إنه أحد أعضاء تلك المنظمة يا نوران .. سلوم كان تابعا للمنظمة ..
انفزعت نوران ..
نوران : ماذا ؟؟
سلوم : أرجو أن لا تؤاخذيني يا نوران .. فأنا الآن لم أعد عضوا فيها ..
ابتسمت نوران بسعادة ..
نوران : لا يا أخي .. لأنني عرفت الآن أن صفعتي لك قد أيقضتك من غفوتك هههههههه .
أعرض سلوم بوجهه بينما الجميع قد ضحكوا ..
سالم : لقد انتهى كل شيء بفضل الله .
نوران : الحمد لله .. بالمناسبة يا خالي يزيد .. أنا أعتذر عما بدر مني من إساءة لك عندما طردتك .. لم أقصد حقا .. لكنني كنت حزينة جدا لأجل والدتي ..
يزيد : لا .. لا تعتذري .. أنا من المفترض أن أعتذر . لأنني تظاهرت بالغضب . لكنني بصراحة لمحت سلوم وهو ممسك بزجاجة الخمر .. لذلك أصبت بالذعر وأردت فعل أي شيء كي لا ينتبه سلوم على ما رأيت ..
نوران بسعادة : حقا ؟؟ إذا أنت لست غاضبا مني ؟؟ صح ؟؟
يزيد : أجل .
نوران : إذا . إذهب وأحضر لي طعام فأنا جااائعة ..
ضحك الجميع بينما يزيد أعرض بوجهه..
وفيما بعد .. خرجت نوران من المشفى ..
وأقامت جدة نوران حفلا كبيرا جاء فيه جميع أفراد العائلة ..
وفي اليوم التالي ..
ذهبت نوران الى المدرسة .. وهناك استقبلها الجميع بإحتفال آخر دام ساعتين ..
وفي آخر الدوام .. كان الجميع متلهفون لمعرفة نتيجة اختبار الفقه .. فهذه حصة الفقه الآن ..
معلم الفقه : هل أنتم مستعدون للمفاجئة ؟؟
الطلاب والطالبات : نــــــــــــــــــــــــــــعــــــــــــــــــم ^_^
المعلم : لا يوجد رحلة
جميع الطلاب بحزن : لماذا ؟؟؟
المعلم : لأن هناك أحمق لم يكتب إسمه .. وهذا يعتبر أكبر خطأ لن أسامح عليه ..
حزن جميع الطلاب والطالبات وبدوؤا يسألون بعضهم عن الشخص الذي كان السبب في إلغاء الرحلة ..
وأما نوران فوجهها تحول إلى الأزرق فهي الشخص الذي لم يكتب إسمه .. *_*
وإنتهت القصة بفضل الله
............
................
كتبت في ليل الخميس
29/8/1433
..........